Wednesday, October 17, 2007

ازدراء الأنثى



حديث ثقيل ..على قلبي قبل قلمي .
ولا أعرف إلامَ ستؤدي كتابتي لهذه الكلمات .
كما لا أعرف هل الوضع يقتصر على بلادي الشرقية أم يشمل كل مكان وُجدت فيه أنثى .
في البدء خُلقت حوّاء..بعد آدم .
وتختلف الروايات ..
ولكنّها دائما تصر على إلحاق التبعية وسلب الاستقلالية من هذا المخلوق ، فقط لأنه جاء متأخراً.
بغير إرادته .
يُنسبُ إليها فكرة الغواية والاستماع إلى الشيطان وإقناع المخلوق الأول : آدم بقطف الثمرة المُحرّمة .
ثم هي السبب في أول جريمة قتل بسبب رغبة أحد الأخوين في زوجة أخيه .
ثم تُنسب إليها- خطأً - أقدم مهنة بالتاريخ .
ولا أعرف من أين أتى هذا الزعم بأن أولى مهن البشر كانت الدعارة !
الجنس حاجة يستطيع الإنسان العيش دون إشباعها ، لكن الطعام والمأوى والملبس ..لا يستطيع أي كائن الاستمرار بغياب إحداها أو غيابها مجتمعة ..إذن فتوفيرهن أولى بغيره .
ولكن الإناث في عصور الكهف ..كُنّ ..نظرا لضعفهن ..محظيات للذكور الأكثر قوة .
ففي ذلك الزمن كان التحضر لا يعني شيئا ..
وكانت احتياجات الإنسان الأولية هي الحاكمة المسيطرة ..
إنه عصر الغريزة الذهبي .
كما يأكل الإنسان ويسكن في كهف ويرتدي ما يقيه حر الصيف وبرد الشتاء ..فهناك غريزة تجاه الأنثى يلتفت لإشباعها بعد انتهائه من حاجاته الأساسية للبقاء .
في البدء كانت صفات الأنثى المورفولوجية ..
الأضداد تتجاذب .
نعومة أمام خشونة ، ضعف أمام قوة ..استكانة أمام فورة .
والأنثى كائن ألزمه ضعفُه جوارَ الذكر ..لأنه مصدر للطعام والمأوى والحماية من الافتراس .
إذن هي علاقة تبادل منفعة بشكل ما .
كما أن غريزة الجنس ما هي إلا غطاء لغريزة أقوى وهي البقاء والاستمرار .
النسل .
الجنس مرهق ..ولكن الهدف يستحق .
الامتداد ..
أن تكون كثيراً ..تفرض سلطتك على أفراد جدد يطيعونك ..ويجلبون إليك السعادة بأشكال عديدة
من المساعدة في القنص وجمع الثمار ثم الزراعة والبناء ....
إلى الإغارة على التجمعات الأخرى .
فكانت الأنثى أداة لإنتاج هذه الجيوش الصغيرة .
ويا لها من وظيفة صعبة .
إذن ..فهي تهتم بملبس ومأكل ومسكن الذكر ..وكذلك تشبع حاجته الجنسية - دون اشتراط إشباع حاجتها هي للجنس - وتنتج له الذرية .
وثب البشر وثبات هائلة وتباينت صور ازدراء الأنثى بتوالي الوثبات وتوسع مفاهيم البشر وانتشار أنسالهم وتباين عاداتهم بالتبعية .
لن أتناول تاريخ الإنسانية تفصيلا ..بل سأنتقل- مباشرة- إلى يومي هذا .
وليعذرنني مَنْ أعطيتُ لنفسي الحق في الكلام عنهن .
إناثُ يومي أجدهن لا يختلفن كثيرا - في جوهرهن- عن حواء الأولى أو أنثى الكهف .
يتحايلن على العيش ..استجداءاً للكرامة ..بكل أملٍ ألا يتم الالتفات إلى يأس محاولاتهن .
تولد الابنة ..تنشأ لتجد عليها أعباء المنزل مشاركة مع أمها ..إنه ميراث حي .
تجد في أمها صورة مكررة ومستمرة وراسخة .
لا أنثى بدون أعمال المنزل ..
إن لم يكن هكذا فهي أنثى فاشلة كأنثى .
قد تحصل على تقدير اجتماعي أو ترقٍ وظيفي ..ولكنها في الغالب تفشل في إشباع رجل ما ..أو تفشل في استقرار أسرتها أو إسعادها أو تربية أبنائها وإبقائهم بجوارها .
تنمو الأنثى ورغباتها في ذيل القائمة ..فالأب أولا ومن بعده أبنائه الذكور .
وكل يختصها بعملٍ منزليٍ ما .
وكل يفرض عليها وصاية وحجرا من نوع مختلف .
وكل يشكك في قدرتها على تسيير أمورها .
وكل يحاصرها بالاتهامات ويخيفها من ضباع البشر (الذكور خارج محيط العائلة ) فالزملاء الذكور دائما لهم أغراض دنئية .
ثم تأتي الأم لتلقن ابنتها -حسب دين الأم وتربيتها ومدى أخلاقها - أن البنت وظيفتها الأمومة .
ولكي تصل إلى الأمومة -هذه الرسالة النبيلة - لابد في البدء من المرور على دور الزوجة .
ولن تكون زوجة حتى تكون مرغوبة لدى أحد الذكور .
وتبدأ هي تهتم بتسويق نفسها ..
ويالها من قسوة .
إذا كانت البيئة سطحية ..فالختل والدلال والتبرج أقرب وسائل الإيقاع بأقرب الذكور لضمان تأسيس أسرة واستمرار حياتها .. بل بداية حياتها الفعلية كأنثى في مملكتها الخاصة .
وإن وُجد الدين ..فالتدين والالتزام والصبر ..هو الذي سيأتي بالعريس دون تطلع ..فالدعاء سيفي بالغرض .
وبين هذا وذاك تتنوع أساليب الإهانة ..التي تُلحقها الأنثى بنفسها مُرغمة تحت ضغط مُجتمعي خانق .
لأن البديل عنوسة أو انحراف .. وكلاهما أثقل من التحمل ..وأكثر امتهانا للكرامة .
إذن فالخيارات المتوفرة غالبا يخلو منها الاختيار الأفضل ..
المتزوجات عن حب ورغبة ..أينهن ؟
أين الله من هذا كله ؟
في الأديان ربما ؟
ولكنّ القائمين على الأديان ذكور !
اشترط الإسلام -ضمن شروط الباءة - خادماً للمرأة .
كم هي نسبة مَنْ يفعل هذا ؟
..
أراني قد قلتُ بعضاً مما يتيح لي تنفساً أقل اختناقاً .
وأتمنى أن تكون لي فرصة أخرى .
...
وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ {53}سورة يوسف
....
* اللوحة للفنان ليوناردو دا فنشي.. Female Head (La Scapigliata)

6 comments:

هبه الاسكندرانيه said...

كلماتك الموجزه اوجعت قلبى و وواسته
شكرا

حسن أمين said...

دائما تعليقاتك تبعث بي بعض الدفء

Anonymous said...

ولكنّ القائمين على الأديان ذكور

مفيش حاجة اسمها كدة
الدين دين
منزل من الله

المشكلة في فهمه وتطبيقه
سعيد جدا بأول زيارة للمدونة
اتمنى تشرفني

حسن أمين said...

دكتور مصطفى ..مرحبا بك
الدين دين ..نعم
منزّل من الله ..حقا
لكنَ الهوة دائما موجودة بين الدين وتطبيقه ، الدين يأمرنا بجلد الزاني وقطع يد السارق و تيسير الزواج و تغيير المنكر باليد و بالجهاد في سبيل الله و عدم التعامل بالربا
فهل نفعل ؟

باسم المليجي said...

المتزوجات عن حب ورغبة ..أينهن ؟
موجودات يا عم حسن
بس تعرف إن أغلب الزيجات دي بتفشل بعد فترة
لكن بدون تعميمات
الحياة كلها بنت كلب لو بصيت لها من الزواية دي، بالنسبة للراجل أو الست
لكن لو بصيت من زواية التراحم، مش هقول الحب.هتلاقي الدنيا غير كده
في رأيي المشكلة النسائية ابتدت لما اتقال إن فيه مشكلة نسائية

mostafa rayan said...

بص ياعم حسن هي النظرة دي موجودة للمراه في كل المجتمعات مش بس عندنا علي العكس في مجتمعتنا العربيةهناك احترام اكثر بكثير للمرأه بس عايز اقولك ان الستات دلوقتي بقوا مشاركين في الحياة وايد بأيد مع الراجل ياراجل دول مالين شغل الحكومة اكتر بكتير من الرجاله - حسني مبارك قال قبل كدة لو الستات قعدوا في البيت هنلاقي شغل لكل الرجال المتعطلين عن العمل- الحياةرجل وامراة يجب ان يجمعهم الحب والتراحم والأحتواء