Wednesday, November 7, 2007

مرحبا بك يا مرض


مرحبا بك يا مرض ..مرحبا بك يا شتاء .
لستُ ممن يفصلون بين الشتاء والخريف ..
المرض يأتيني هذه المرة دون كتب لأذاكر بها ..وحيد تماما .
لا أستطيع أن أمسك في ذيل وحدتي ..فهي تتوه مني في زحام التوحش الحياتي ..تلك السواعد الكابوسية التي تسلب منك-فقط- الذي تحتاجه كي تأمن .
المرض والكوابيس والشتاء و الليل الطويل ..رفقة
الليل الطويل الذي يبدأ مبكرا وينتهي متأخرا..
وأنا كاره لليل والظلام .
ذلك الليل ذو البرنامج المزدحم بالكوابيس المتراكبة ..
أكثر الكوابيس إزعاجا هو الذي يقتحم بقبحه قبح مَن يسبقه من كوابيس ..وينصرف بلا استئذان قبل أن يأتي الكابوس التالي ليحتلني .
تلك اللحظات الفارغة ..التي يتوقف فيها الزمن ..وتشعر بالعطش والظلام والإعياء ..وأن عينيك لا فائدة لهما سوى الغليان وإفراز الدموع السخينة الثقيلة ..وعدم الرؤية بالتأكيد ..وأن الوهن يأكلك بتلذذ ..يبدأ من أطرافك ..في طريقه للانتهاء بقلب روحك .
الأحلام ؟
لا ..لم أسمع هذه الكلمة من قبل .. أنا فاقد لذاكرة الأحلام .
فعند مرضي ..تتساقط عني الأحلام ..فهي مرتبطة بي قدر ارتباط السمسم برغيف الخبز .
أفتقدتكم أيتها العصبة الكئيبة ..
هل مر عام أم يزيد ؟
هل كنتُ أعاني من افتقادي للوحدة في الشتاء الماضي ؟
أريدُ وحدتي ..أعيدوها أيها السارقون .
عندما لا أسمع صوتي ..أعرف أني بخير ..
مريض جدا لكن بخير .
هذياني يفصح عن اضطرابِ داخلي ..ولكني - حتما - بخير .
أشعر أني مُعلّق في الركن العلوي الجانبي من سقف هذا العالم .
وفي حجم رأس دبوس أشعر بي ..
يالها من أبعاد خرافية متوحشة تلك التي تبدو عليها الأشياء من هذا العلو المخيف .
افتقدتُك كذلك يا كابوسي العزيز .
رفيق طفولتي الذي لايعلم عنه أحدٌ شيئا ..ولا والديّ
هو الوحيد الذي يزورني في مرضي ..دائما .
لا يخلف موعده أبدا ..أينما ذهبت ووقتما أتاني المرض .
أرجو أن تزورني ..تتكرم وتزورني الليلة ..بمجرد إطباق أجفاني المحمومة .
إن الله يعتني بنا في مرضنا ..إنه بنفسه يشرف على صحتنا .
كم يقترب منّي الله في مرضي ..
وياله من قرب ..ويال ضعفي مما أراه .
أنا أضعف من كل هذا ..
أعترف .